الجمعة، 7 مارس 2014

تقليعة زواج الفاتحة

بين كل حين وفترة تظهر أشكال جديدة من الزواج تنتشر بين الشباب والفتيات، ما انزل الله بها من سلطان، مرتديةً عباءة الدين لإراحة الضمير ولو لثواني مع المعرفة التامة للعواقب من بعد ما أضافه الزواج العرفي وزواج المتعة من خبرة قد محت اي تشكك من أن انواع الزواج ان صحت كلمة زواج هي تغطية للزنا والعياذ بالله.123

وأحدث وأغرب تلك الزيجات ما يطلق عليه الآن «زواج الفاتحة» الذي يتمّه أصحابه بجمل بسيطة وقصيرة، يقول فيها الشاب للفتاة: «أريدك زوجة صالحة فيما يرضي الله، زوجيني نفسك على الفاتحة المباركة». فترد الفتاة: «زوّجتك نفسي. لنقرأ الفاتحة ونوثق زواجنا أمام الله». فيرد: «أنا قبلت ببركة الفاتحة».

فكيف يرى علماء الدين هذا النوع من الزواج؟ ولماذا بدأ ينتشر؟ وهل تدفع المرأة كالعادة الثمن الأكبر من نتائجه؟

يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر، أن الذين يتزوجون بهذه الطريقة يبيحون لأنفسهم العلاقات المحرمة وإشباع متعة موقتة باسم الدين، ويتم التغرير بالمرأة المعروف عنها التأثر العاطفي، قبل أن تسير في نفق مظلم من خلال ما يطلق عليه «زواج الفاتحة»، وهم مفسدون في الأرض يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع، وقد توعدهم الله سبحانه وتعالى بقوله: «إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» آية 19 سورة النور.

وتعجب الدكتور عمر هاشم من تسمية هذه العلاقة الآثمة بـ«زواج الفاتحة»، مع أنه يفتقد لكل مقومات الحلال والاستقرار على حد سواء، وكل ما فيه مجرد قراءة الفاتحة بين الرجل والمرأة دون توافر أركان الزواج وشروطه، وليس هناك عقد زواج صحيح. ويجب على المسؤولين سن تشريعات صارمة بمعاقبة كل من يتهاون في انتهاك الحرمات والأعراض تحت هذه المسميات الخادعة، التي لا أساس لها من الدين أصلاً وهو منها براء، لأن عقد الزواج الشرعي يجب أن تتوافر فيه الشُّروط المعروفة وهي تعيين الزَّوجين ورضاهما ووجود الولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاحَ إلا بوليٍّ وشاهديْ عدل»، وقوله أيضاً: «أيُّما امرأةٍ نكحت بغير إذنِ وليِّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل»، وأحقُّ الأولياء بتزويج المرأة والدها، والشرط الأخير هو خلوُّ الزوجين من موانع النِّكاح من نسب أو سبب كرضاعة أو مصاهرة وغير ذلك من الموانع.

هناك فرق

تشير الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، إلى أن هذا الزواج الشيطاني يحاول أن يرتدي عباءة الدين باسم الفاتحة، التي وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن فضلها حيث يقول تعالى: «‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏» آية 87 ‏سورة الحجر، أما عن فضلها في الأحاديث فقد روى أبو سعيد مولى عامر بن كريز، أخبر الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أُبيْ بن كعب، وهو يصلّي في المسجد، فلما فرغ من صلاته لحقه، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على يدي، وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، ثم قال: إني لأرجو ألا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها. قال أُبيْ بن كعب: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، ثم قلت: يا رسول الله، ما السورة التي وعدتني؟ قال: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت عليه: «الحمد لله رب العالمين حتى أتيت على آخرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي هذه السورة، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت».

وتفرّق الدكتورة عفاف بين هذا النوع من الزواج، الذي تتم من خلاله المتاجرة بالفاتحة، والزواج الشرعي الذي تكتمل كل شروطه وأركانه، إلا أنه غير موثق حكومياً، استناداً إلى أن التوثيق لدى البعض «بدعة» وليس شرطاً لصحة الزواج، ويستندون في ذلك إلى أن الزواج أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يكن موثقاً، والغريب أن بعض هذه النوعية من الزيجات غير الموثقة في المغرب تحمل أيضاً اسم «زواج الفاتحة»، وبالتالي فإن العبرة بتفاصيل الزواج ومدى توافر شروطه وأركانه وليس في المسميات فقط.

تنويم ديني

ترى الدكتورة مريم الدغستاني، رئيسة قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، أن هذا الزواج المسمى بـ«زواج الفاتحة» يعد نوعاً من الزواج السرّي المحرّم، الذي عادة ما يبدأ بمشاهد رومانسية تتخذ صبغة دينية تستغل ما تعاني منه الفتاة عادةً، من طيش وعاطفية كبيرة في مرحلة المراهقة أو الخوف من شبح العنوسة لدى كثيرات، فضلاً عن عدم قدرة الرجل على تحمّل أعباء الزواج، فيتجه إلى هذا النوع من العلاقات المحرّمة التي تحاول أن تجد لها غطاء اجتماعياً ودينياً.

وأطلقت الدكتورة مريم على زواج الفاتحة مسمى «التنويم الديني» للفتيات اللائي يستيقظن على كارثة العلاقة المحرمة، مع أن الله حذرنا من اتباع خطوات الشيطان حين قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» آية 21 سورة النور.

وأنهت الدكتورة مريم كلامها بالتحذير من الانزلاق في مثل تلك العلاقات المحرمة، التي تحمل مسميات دينية خادعة، وإنما يجب الزواج في النور وبمعرفة الأهل والإشهار والتوثيق، بسبب خراب الذمم وحتى تضمن المرأة حقوقها، وقد أمرنا الله بألا نتبع مثل هذه الفئات الضالة، فقال تعالى: «….. وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ» آية 77 سورة المائدة، وحتى الزواج الشرعي غير الموثق، الذي تطلق عليه بعض المجتمعات والبيئات مجازاً «زواج الفاتحة»، ينبغي الحد منه واشتراط التوثيق الذي يضمن الحقوق للمرأة وأبنائها، لأن الحلال لابد أن يكون متكاملاً، ولهذا فالتوثيق في عصرنا ضرورة لتأكيد الزواج الحلال.

الاستهانة مرفوضة

يحذر الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، من الاستهانة بهذا النوع من الزواج، الذي تنتفي عنه صفة الزواج الشرعي الصحيح، الذي يؤدي إلى المودة والرحمة والسكينة بين الزوجين، ويساعدهما على تكوين أسرة سوية مستقرة، ولهذا قال الله تعالى في وصف الزواج الشرعي: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.

وأضاف واصل أنه لا ينبغي الاستهانة بموضوع «زواج الفاتحة»، الذي ينتشر بسرعة كبيرة بسبب الجهل الديني وتراجع رعاية الأسر لأولادها وبناتها. وتابع: «شتان بين زواج الفاتحة بين المراهقين والمراهقات، الذي هو أشبه بـ«لعب العيال» وتدفع الفتاة وأسرتها ثمنه، وبين ما يطلق عليه أيضاً «زواج الفاتحة» عرفاً في بعض البيئات البدوية، التي لا تعترف بالتوثيق الحكومي، لأن الكلمة عندهم عقد ويتم بعدها إشهار الزواج، إلا أن الكارثة تظهر وقت وقوع مشكلات وغدر الزوج أو حتى تسجيل المولود، فالأخير حلال مع الكراهة خشية ضياع الحقوق بسبب عدم التوثيق، ولهذا فإن مشكلته تحل بالتوثيق فقط، أما الأول فهو كارثة اجتماعية وإنسانية، وبالتالي هو حرام قطعاً».

وأنهى واصل كلامه بدعوة الرجال الذين يخدعون النساء بزواج الفاتحة، إلى أن يتقوا الله ويسألوا أنفسهم ويجيبوا بصدق: هل يرضون هذا لأخواتهم أو بناتهم؟ الإجابة بالقطع ستكون بالنفي، وقد أتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في تقويم الاعوجاج والانحراف الأخلاقي، حين جاء إليه شاب يستأذنه في الزنى، فطلب منه النبي أن يقترب منه، وقال له: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال له الرسول: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، أفتحبه لابنتك؟. قال: «لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم، أفتحبه لأختك؟ قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم، أفتحبه لعمتك؟. قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم، أفتحبه لخالتك؟. قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم». قال رواي الحديث: فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه»، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. ما أروع هذا الأسلوب التربوي الذي إذا قيل لمن يرغب في «زواج الفاتحة» سينصرف عنه تماماً.

خداع

توضح الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية جامعة الأزهر، أنه من الغريب أن الزواج بالفاتحة يقوم به المنحرف أخلاقياً البعيد عن الدين، أو المتعصب، الذي يؤكد للفريسة أنه يعيش في ظل قوانين دولة ظالمة لا ينبغي الالتزام بها، ويخدع ضحيته بمواظبته على العبادات كالصلاة في المسجد وكثرة قراءة القرآن، وتقديم براهين مغلوطة، تنسب زوراً إلى القرآن والسنة، بأن هذا الزواج يحقق لهم إشباعاً جنسياً بشرعية دينية، وأن الله خير شاهد على الزواج، وبالتالي لا قيمة لولي أمر المرأة أو شاهدي عدل أو الإشهار أو التوثيق الرسمي، والزعم بأن بعض المذاهب الفقهية تبيح للمرأة أن تزوج نفسها بمن ترضاه زوجاً، وصدق فيهم قول الله تعالى: «يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» الآيتان 9-10 سورة البقرة.

وتستنكر الدكتورة آمنة نصير هذا الزواج وتعتبره باطلاً شرعاً، لأن الزواج الشرعي يبنى على أربعة شروط رئيسية لا يجوز التفريط في واحد منها، وهي التراضي ثم العقد، ثم الشهود وحضور ولي الأمر، وإذا كان المذهب الحنفي قد استغنى عن الشرط الثالث وأجاز للمرأة تزويج نفسها بنفسها، إلا أن جمهور الفقهاء يرفضون ذلك، لأن الضحية الأولى والأخيرة لأي تساهل أو تنازل هي المرأة وأهلها، بعد أن تكتشف الضحية أن «من الحب ما قتل»، ووقتها لا ينفع الندم بعد أن تعم ّ الفضيحة، خاصةً إذا أثمرت هذه العلاقة المحرمة طفلاً ترفض الدولة الاعتراف به، لأن ما بني على باطل فهو باطل.

طرق الوقاية

عن كيفية الوقاية الشرعية من هذه العلاقة المحرمة المسماة «زواج الفاتحة»، أوضحت الداعية الإسلامية هدى الكاشف أن هذه الوقاية لن تتم إلا بطريقتين لا ثالثة لهما، الأولى: التنشئة الدينية الصحيحة التي تجعل الأبناء والبنات يعرفون الحلال والحرام منذ الصغر، والثانية: تيسير الزواج الشرعي في النور، لأن تعسير الحلال وسد أبوابه يساعد على فتح أبواب الحرام.

ودعت هدى الكاشف الجنسين، وخاصةً الرجال، إلى غض البصر باعتباره مفتاح الفتنة، ولهذا أمر الله الرجال والنساء بغض البصر حتى يكونوا من المؤمنين، فقال الله تعالى: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الآيتان 30-31 سورة النور.

وأنهت الكاشف كلامها بتوجيه نصيحة للوالدين بحسن تربية الأولاد والبنات، وأن يتم اتخاذهم أصدقاء، والبعد عن أسلوب الأمر والنهي بلا تفاهم، لأن الأجيال الجديدة تعيش في عالم مفتوح وأصدقاء السوء في كل مكان والفضائيات والإنترنت وغيرها مما يشعل الغرائز في كل مكان، ولهذا لابد من تيسير الحلال وأن ينفذوا النصيحة النبوية التي تحمي الذكور والإناث من الانحراف الأخلاقي، حين قال صلى الله عليه وسلم لأولياء أمور البنات: «إذا أتاكم من ترضون عنه دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض أو فساد عريض»، وقال للرجال الراغبين في الزواج: «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».

تراكمات اجتماعية

ويقول الدكتور علي ليلة، أستاذ علم الاجتماع بآداب عين شمس: «من المؤسف أن مجتمعاتنا تسير في طريق التفسخ والبعد عن الاعتدال، حيث نرى تصارعاً بين تياري الانحلال الأخلاقي والتشدد الديني، وكل منهما وجهان لعملة واحدة تحلل الحرام وتحرّم الحلال، من خلال الزيجات وغيرها من المعاملات الإنسانية المرفوضة دينياً واجتماعياً، ويبحثان عن وسائل خادعة ليكون لها قبول مزيف.

وأشار الدكتور علي ليلة إلى أن هناك مشكلات متراكمة أدت بنا إلى هذا الوضع الخطير، الذي يضرب مؤسسة الأسرة في مقتل، مع أنها أهم ما يميز مجتمعاتنا الشرقية، ومن أهم المشكلات التي أوصلتنا إلى هذه الزيجات الشيطانية، التي لا أصل لها من دين أو عرف أو تقاليد، هو انتشار العنوسة والتكاليف الجنونية للزواج وسد الأسر لأبواب الحلال، فتم فتح باب الحرام، لأن الغرائز الإنسانية خلقها الله فينا وبيّن لنا طرق توظيفها في الحلال، فإذا أغلقنا باب الحلال فتحنا بدون أن ندري أبواباً من الحرام ثم بعد ذلك نشكو من وقوع بناتنا فريسة لمن يخدعونهن بعلاقات محرمة تحت مسمى الزواج.

تفسير نفسي

عن التفسير النفسي لهذه الظاهرة الخطيرة تشير الدكتورة عزة سليمان، رئيسة قسم علم النفس كلية البنات جامعة عين شمس، إلى أن المثيرات في المجتمع المعاصر أصبحت كثيرة جداً وفي كل مكان، ابتداءً من الفضائيات التي تغزو كل بيت، والإنترنت الموجود في كل مكان، والتقليد الأعمى للغرب بإباحة العلاقات خارج الزواج الشرعي المعترف به، فيتم التحايل على ذلك بإطلاق تسميات لها قبول ديني واجتماعي، مثل «زواج الفاتحة»، حتى يتم استمالة المرأة المعروف عنها قوة التأثر بالعاطفة والكلام المعسول، وأنها تحب بأذنها وقلبها قبل عقلها.

ودعت الدكتورة عزة سليمان من وقعن فريسة لمثل هذه الزيجات الغريبة على مجتمعاتنا، إلى سرعة التصالح مع الذات، والاعتراف بأن ما قامت به ليس مقبولاً دينياً واجتماعياً، ويبدأ التحول الإيجابي من خلال اللوم والتأنيب للنفس على تفريطها في كرامتها تحت مسميات خادعة دينياً، فيكون كمن يضع السم في العسل حتى يكون مستساغاً وشهياً، مع أنه في الحقيقة قاتل ومدمر وضحيته الأولى المرأة، لأن الرجل سيتركها وحدها ويتخلّى عنها بعد إشباع غريزته.


مصدر هذا الموضوع : تقليعة زواج الفاتحة






استراحة حواء

0 التعليقات:

إرسال تعليق